728x90 AdSpace

Latest News

الأحد، 12 أبريل 2015

مشية القطة


تعتلي المسرح، يتطاير شعرها المتموج فوق ظهرها المنتصب، يدق كعبها العالي الأرض الممسدة، يرسل خلخالها الرنان نغمات مدوّخة، تتناغم ساقاها في خطوات انسيابية فوق المسرح، ذات الخطوة، ذات الغنج، ذات الثقة، مدهشة...



هتف مصمم الأزياء من خلف طاولته:

"مدهشة! دخلتيني في جو فلكلوري ملوش مثيل، المشية الأرستقراطية دي مع شعرك الغجري وخلخالك الفلاحي عملوا مزيج....



حرّك يديه في الهواء وكأنما يبحث عن الكلمة المناسبة:

"بديع"

ثم مال على مجاورته:
"ودي جبتيها منين دي؟"
"اتوسطت لها واحدة معرفة، قالتلي هييجي منها، لكن ييجي منها إيه؟"

ثم توجهت بالحديث إليها:
"دي أستاذة، أنا مش مصدقة عنيا! إنتي بتمشي مشية القطة ولا كإنك أميرة من العصور الوسطى، وللا جسمك، مظبوط كإنه مرسوم بالمسطرة، مين يصدّق إنك حملتي وعندك ولد؟!"
 
كانت تبتسم في زهو منتشية بآراء أصحاب العمل، ولكن الابتسامة تجمدت فجأة، أحنت رأسها إلى أسفل فيما عينيها لم تنحنيا، صوّبت عينيها مباشرة إلى عيني محدثتها قائلة كلمتها الواحدة:
"معادش."

ترتبك ربة العمل، لا تدري بم تجيب، فتدير الدفة قليلاً:
"لكن قوليلي، إنتي من أسبوع واحد مكنتيش بتمشي خطوة في الكعب العالي، عملتي إيه عشان تبقي هايلة بالشكل دا"

تنظر لها بثبات:
"فعلا بدّك تعرفي؟"
***

تدلف من باب العمارة، تشتم القطة رائحتها، تترك صغارها تحت بئر السلم وتركض خلفها مصدرة مواء ضعيف، تسرع بخطواتها هربًا من تمحك القطة، تطرق الباب بيدها وتضرب الأرض بقدمها في نفاذ صبر، تفتح أمها الباب فتسارع بالدخول وتدفع القطة بقدمها، تميل الأم تربت على ظهر القطة:
"بالراحة يا بتي دول بيحسوا زينا"
"ديه جربانة متلمسيهاش يا مّه"

تلتفت إليها الأم:
"المهم عملتي إيه؟ اتوظفتي؟"
"لسه يا مّه، هيمتحنوني كمان أسبوع، بس آني لازمن أنجح"
"إلهي يفتح في وشك السكك المقفولة ويوقفلك ولاد الحلال يا (بثينة) يا بت بطني"

تخطو الأم للداخل فتعود حاملة إناء من بقايا لحم تبسطه على عتبتها للقطة، تعاجلها الابنة:
"وهو إحنا لاقيين ناكل لما هتأكلي القطة يا مه؟"
"وماله يا بتي، ديه نَفَسَة ومحتاجة تتغذى."

تصدر القطة قرقرة راضية.
~

تدس قدمها في الحذاء ذي الكعب العالي، ترقبها عين أمها من بعيد، تخطو خطوة حذرة، ترتج ساقها فتتمايل حصولاً على الإتزان، تمد ساقها اليسري لتحصل على خطوة جديدة على نفس الاستقامة، ترف عين أمها اليسرى، لا تحصل على أرض بأسفل قدمها، تسقط، تهب، تكرر، ترتج، تثبت، تسقط، تسقط، ترتمي على الأرض تبكي.

تنتفض أمها على إثرها:
"مبلاها الشغلانة دي يا بتي"
"وعايزاني أشتغل إيه؟ دَكتورة؟ مانتي لو كنتي سيبتيني أكمل في المدارس كان زماني دَكتورة فعلاً وللا مدرسة"
"وكنت هعمل إيه يا بتي؟ الناس قالولي بتك فايرة جوزيها وستريها، مش دِه برضك (عبد المقصود) اللي عشقتيه وقلتي لو متجوزتهوشي هولّع في روحي؟"
"كنت عيلة يا مّه، كان لازمن تنصحيني"
"حظك قليل يا بتّي، كنت أعرف منين إنه هيرميكي الرمية ديه"
"وياريت عشان حاجة عِدلة يا مّه قال بيقولي سحرالي، بس لو أعرف أنهي دجال نصاب فهمه إني سحراله!! أني! أني أسحر يا مّه؟ واديني رجعتلك ومش بطولي لاه، معايا عيّل، وعشان كده آني لازمن آخد الشغلانة ديه"
"بس إنتي يا بتي متقدريش ع المشية ديه"
"ح اقدر يا مّه، ح اقدر"

تهب واقفة، تخطو إلى باب المنزل تفتحه وتصدر بسبسة من بين شفاهها، ترمق على إثرها القطة الجربانة تتهادى من بعيد.. تضيّق حدقتيها وترقبها إذ تخطو برشاقة، إذ تتبختر في أربع كأميرة أو ملكة.. ملكة سوداء جربانة لكنها تجيد مشية القطة، تقدم ساقها الأمامية اليمنى مع ساقها الخلفية اليسرى، ثم الأمامية اليسرى مع الخلفية اليمنى، ذاك التجانس، ذاك التناغم، في كل مرة، إنه مدهش. تنظر إليها بحقد، فقط لو تعرف كيف تخطو مثلها، تقترب القطة حتى صارت على العتبة، وقبل أن تدلف، تغلق الباب بوجهها بعنف، فيصلها مواؤها المعترض من خلف الباب.

تعيد إقحام قدمها داخل الحذاء، تنظر إلى نقطة أمامها تتوسط المسافة بين ساقيها، وتدفع بساقها إليها، تتحرك النقطة أبعد قليلاً، تخطو إليها بساقها الأخرى، يتحرك هدفها أبعد مسافة خطوة، تتبعه في إصرار، إنها تتقدم، إنها تنجح، لكنها إذ تفكر في موضع الخطوة التالية ترتبك، وإذ تدفع بساقها تصطدم بخلف ساقها الأخرى تتعثر، وإذ تسقط هذه المرة يصطدم وجهها بعارضة الفراش فتصرخ من الألم، ثم تخفي وجهها بالفراش باكية.

تركض على إثرها أمها، وتقول بنبرة حنونة:
"بكفاياكي يا بتي قطعتي قلبي، متعمليش في روحك كده"

ثم تلتمع عينها بنظرة قاسية:
"ومتحمليش هم، آني عندي الحل"
~

تحمل الأم إناء وتتجه إلى أسفل العمارة، تشم القطة رائحة اللحم فتترك صغارها وتتبعها، تنتقي الأم مكانًا قصيًا فتضع الإناء، ولمّا تطمئن إلى انغماس القطة في الأكل، تخلع نعليها وتتسلل على أطراف أصابعها إلى بئر السلم، تلتقط هرًّا صغيرًا فتخبئه في كمّها، وفي طريق العودة، تلقي نظرة على القطة الأم التي تتوقف عن المضغ وتبادلها النظر، دقائق قبل أن تلعق شواربها وتعاود اعتلاك اللحم.

تكمل الأم آخر سلمتين ركضًا، وتغلق الباب خلفها فتستند عليه وتلهث، تخرج الهرّ من كمّها وتضعه فوق المائدة، ترقبها (بثينة) في دهشة، وتهمس بصوت لا يكاد يُسمع "بتعملي إيه يا مّه"، هي تعرف أن أمها تعرف الكثير، وتعرف أن أمها تفعل الصواب، لكن ما هذا بالضبط الذي تفعله؟ من الصعب أن تعرف، فتكتفي بهدهدة رضيعها فوق صدرها، والترقب.

تركض أمها بخفة امرأة تصغرها كثيرًا إلى الفراش، تجر من أسفله صندوق عتيق، ينهكها الجر فتصطك جالسة فوق الأرض، ثم تعاود الجر حتى يصبح أمامها، تلتمع عينها بنظرة اشتهاء بينما تزيح التراب بباطن يدها عن الصندوق الذي تآكل خشبه، هي نظرة فنان معتزل يعاود اعتلاء المسرح، أو لنقل ساحر، يحتاج أن يدهش جمهوره، لمرة أخيرة.

تخرج الأم مفتاحًا مُدلًّا إلى صدرها، تصوبه إلى قفل الصندوق وترفع الغطاء، فتتصاعد رائحة عطنة، تأنف لها أنف (بثينة)، ولا تؤثر على إقبال الأم على الصندوق، تتلمس حوافه في تجلٍّ، وتتفقد مقتنياتها في استمتاع.

تستخرج شمعة سوداء، مطرقة صغيرة، ذيول فئران، أكياس من أشياء مطحونة، أوراق من أشياء مكتوبة، أشياء غريبة...

تضع (بثينة) رضيعها إلى جانب، تقترب خطوات حذرة متطلعة إلى ما بداخل الصندوق، تشهق مخفية فيها بكفها، ثم تقول:
"إنتي بتسحري يا مّه!؟"

تدير الفكرة برأسها لحظة ثم تقول:
"يبقى إنتي فعلاً سحرتي لـ (عبد المقصود) عشان يتجوزني؟"

تقول الأم بنبرة جافة دون أن تستدير:
"مش كنتي هتموتي وتتجوزيه؟"

تلطم خديها:
"بس مش بالسحر يا مّه، مش بالسحر يا مّه"

تلتفت الأم:
"اكتمي يا به، إنتي عاوزة الشغلانة ديه وللا لا؟"

تفتح (بثينة) فمها، ولا تعرف تجيب، تكرر الأم:
"عاوزاها وللا لاه!؟"

تحني رأسها للأرض. فتقول الأم:
"يبقى انجرّي روحي حمّي الفرن"

تختفي (بثينة) عن مجال نظرها، ولكنها ولسوء حظها تعود في اللحظة غير المناسبة. فما إن تخرج من المطبخ حتى تجد الأم بالصالة وقد اتجهت إلى المائدة، تطلق (بثينة) شهيقًا عاليًا فيما تتراجع خطوات للوراء، بينما تهوي الأم بالسكين على بطن الهر تبقره. لا يكاد يصدر عويلاً، هو فقط يكمل نومته الهادئة، ولكن إلى الجانب الآخر.

سريعًا ترفع الأم الهرّ وتجذبه تجاه (بثينة) التي تبتعد حتى تصطدم بالحائط:
"لاه يا مّه لاه"

تيمم الأم وجه ابنتها بدماء الهرّ الساخنة، تدير (بثينة) وجهها يمينًا ويسارًا مرددة مرارًا تلك اللام النافية وكأنما تمحو عن نفسها تهمةً كانوا يحرقون فاعليها في القرون الوسطى، ثم تسقط منهكة في مكانها، غير أن الأم ترفعها من شعرها، فيما تتابع بيدها الأخرى ضخ الدماء إلى وجهها.

وبعد دقائق، تفلت الأم قبضتها فتهوي (بثينة) في مكانها، ثم تتجه إلى المطبخ، تفتح غطاء الفرن وترمي بالهرّ إلى الداخل.

دقائق طويلة، هل وصلت إلى ساعة، ساعتين؟ إن آخر من يمكنك أن تسأله عن الوقت هو (بثينة)، إنها غائبة تمامًا عن الوقت الحاضر، إنها في الغالب مع (عبد المقصود) على الترعة، حينها كانت تتهادى إلى جانبه في الطريق الضيق على حافة الترعة، وكان يخبرها كم أن طلتها رائعة، ولم تكن تتهادى بمشية القطة بالمناسبة. حينها تلمَس شعرها الثائر واقترب بشفاهه من خدها الوردي، ولم يكن مصبوغًا بالدماء بالمناسبة. ثم بحث عن حجر مدبب فحفر اسمها على التوتة القديمة، وهي ذات الشجرة التي دفنت أمها العمل بأسفل منها، وهذا للعلم فقط.

تشم رائحة خانقة، تسمع دقًّا مزعجًا، ما هذا الدق؟ ما هذه الرائحة؟ لا تعرف شيئًا.. تلمح رضيعها على الأريكة المقابلة فتزحف إليه على أربع، قطعة اللحم الشبيهة بـ (عبد المقصود)، على الأقل تعرف أنها لن تفرّط بها.

تخرج الأم حاملة الهاون بين يديها، تجلس قبالتها وترفعه إلى وجهها، تتناوله منها بأيد مرتعشة وتسأل:
"هوا دِه؟"

تكتفي الأم بإيماءة صغيرة، تعاود الابنة السؤال:
"مباقيش منه إلا ده؟"
"إيوة، حنّي يدّك يا بتي"

تلتقط (بثينة) بعض العجين في راحتيها، تستدرك الأم:
"وغطّي وشك كمان"

ترفع كفيها إلى وجهها، فيما تلتقط الأم ما تبقى من العجين، وتدلك به قدم ابنتها.
~

ما أحلى النوم!
إنه لذييييييييذ!
لكنها بحاجة للشراب.

تنزل عن الفراش فتتجه إلى المطبخ، تحصل من الثلاجة على زجاجة، ومن المطبقية على إناء، فتحملهما معها في طريق العودة.

يضايقها ذاك العماص بعينيها، تلعق راحتي يديها ومن ثم تفرك عينها.. الآن الصورة رائعة، دعك من أن الجو مظلم، ولكن الصورة رائعة.

تخطو بين الموجودات في الظلام، تخطو برشاقة وثقة واتزان، تخطو بخفة وغنج ودلال، دعنا نقول أنها تخطو بمشية القطة.

تنظر إلى موضع قدمها التالي، تسرح بخيالها عجبًا؛ إنه مضبوط بالضبط!

تتناول الزجاجة فتصب بعضًا من الحليب في الآنية وتجلس تلعقه بلسانها، وهي تفكر في الأمر.
~

في الصباح، تأنقت كأفضل ما يكون للاختبار، وقد هداها تفكيرها أن تطمئن، أنها ستحصل على الوظيفة، أنها ستكفل ابنها، أنها ستكون على ما يرام، شيء واحد لم ينبئها عنه، هو ذاك الشيء الذي صادفها، بمجرد أن فتحت باب منزلها.

كانت قطة سوداء جربانة بمواجهتها، كانت منتفشة منتصبة الشعر ومرفوعة الذيل، كان بطنها متدلي وثديها ممتليء وظهرها مقوس، وكانت ثكلى، وكانت حزينة، وكانت في وضع استعداد يبدو أنه قد كلفها سهر الليل بطوله.

كانت مثيرة للشجون وللشفقة والرثاء ، كانت بريئة ونقية ومسالمة، كانت ساذجة وبلا حيلة وضيقة الأفق إلى أبعد حد. كانت جائعة، وكانت أم، وقد كلفتها وجبتها أن تفقد ابنها إلى الأبد، كما يمكنني أن أستمر في وصفها إلى الأبد.

كانت مصوّبة عينيها اللائمتين إلى عيني (بثينة) الزائغتين، كانت تتقدم نحوها ببطء، وبثبات، وبمشية القطة، ولم تكن تموء.

تتراجع (بثينة) مع كل خطوة، خطوة للوراء، وبين الخطوة والخطوة، تكشر (بثينة) عن أنيابها وأظافرها، في محاولة يائسة للتهديد، لا تشجع القط إلا على التقدم أكثر.

تحضر الأم من الداخل حاملة الرضعة للرضيع الغافي على الأريكة، فتجمدها الصدمة في مكانها، ترقب المشهد في مهابة. تنحرف القطة إلى جانب.. تتبع أنفها فتتجه إلى المائدة صاعدة فوقها، وعند بقعة محددة تتوقف، تتشمم، تموء وتدور وتشمشم، تشمشم وتموء وتدور، يستحيل مواؤها عواءً إذ تدور، ويستحيل عواؤها نحيب مكلوم.

تصل (بثينة) إلى حد الانهيار، تسيل دموعها ومخاطها وتنكمش في نفسها. تتخذ الأم قرارها فتقترب من القطة وتدفعها بيدها إلى أسفل:
"بِس! بره.. اخرجي بره"

تستقبل القطة لطمتها فتنخفض لها رأسها، لكنها في اللحظة التالية تصير فوق أي تقدير، وتطال بقفزتها العالية وجه لاطمتها، فتغرس أظفارها في لحم وجهها، ثم تقتلع جلدها في طريق الهبوط.

تصرخ (بثينة) فيما تجري للزود عن أمها:
"سيبي امي، سيبينا في حالنا، انتي عاوزة ايه، عاوزة ايه!!!"

تتلمس (بثينة) وجه أمها، وتحضنها بذراعها، فيما تركض القطة إلى الأريكة، تجذب بفمها أغطية الرضيع من أسفل فيسقط على الأرض سقطة مدوية، مصدرًا صرخات موجعة يطير لها صواب (بثينة)، يجن جنونها، تركض بكل طاقتها تجاه ابنها صارخة:
"لاااااا اقتليني آني لكن ابني لاااااااا"

تنتزعه وتركض به إلى الغرفة مغلقة مزلاجها، فيما لا تزال تردد:
"ابني لا!! ابني لا!!!"

لكن القطة تتبعها كالسهم فتصطدم رأسها بالباب المغلق في عنف، تزأر فتبتعد قليلًا وتعود بأقصى سرعة ترطم جسدها الهزيل بالباب الواهن بدوره فيرتج في عنف.

تستند (بثينة) بجسدها إلى الباب من الجانب الآخر وتردد العبارة الوحيدة التي يمكنها أن تدفع عمرها من أجلها:
"ابني لاااا... ابني لاااااا"

تهب الأم لإزاحة القطة فتتلقى بطشة أخرى تعرّي المزيد من اللحم، تركض إلى الخارج تستدعي الجيران، تندفع القطة في سباقها المحموم الذي ينتهي عند الباب المغلق، هزيلة لكنها غضبى، صغيرة لكنها ناقمة، قطة لكنها أم، وسوف تريهم ما يمكنها أن تفعله القطة الأم.

تزداد قوة،
وتلك تزداد وهنًا

يرتج الباب في كل مرة بقدر أكبر
إلى متى يمكنها أن تقاوم؟
ينفتح لجزء أكبر من الثانية
يتزايد إحساسها بالخطر
تتهاوى (بثينة) رويدًا
عواء القط
"ابني لاه"
صراخ الطفل
"ابني لـ.."
نحيبها
"ابني."

تهوي إلى الأرض، تغرق في الصمت.

يتكالب الجيران على القطة المسعورة يحجّمونها، رجال أشداء لن يمثل لهم جرح في الوجه بأكثر من وسم للفخر، يرمونها إلى الخارج ويمكنهم كذلك أن يذبحونها.

تزفر أمها زفرة الخلاص، تثني المقبض لكن الباب لا ينفتح:
"خلاص يا بتي خرجوها، افتحي"

لا تجيب

"خلاص يا بتي الدار أمان"

لا رد.

يتبرع أحدهم بالارتطام بالباب، وفي الداخل كان مشهدًا غير محببًا:
كانت (بثينة) تحتضن أغطية ابنها الفارغة، فيما وجهها ملطخ بالدم.
~

تصوب (بثينة) عينيها الملونتين إلى عيني محدثتها المذعورتين، فيما تخطو بدلال فوق المسرح:
"هاه؟"

تميل بجذعها إلى الأمام وتمد يداها تلامس الأرض فينبسط جسدها فوق الأرض متقدمةً في زهو على أربع، وعينها لاتزال مثبتة إلى عين محدثتها:
"قلتي إيه.."

ثم وفي لمح البصر تقفز قفزة عالية في الهواء وتعدّل من وضع أرجلها فتهبط على ساقيها الخلفيتين فوق المنصة وفي مواجهة ربة العمل التي تبتعد محاذرة فيما تكتم شهيقها، تُخرج (بثينة) لسانها الخشن فتلعق وجه محدثتها ثم تسأل:

"ح توظفيني يا حلوة؟"
  • Blogger Comments
  • Facebook Comments

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Item Reviewed: مشية القطة Description: Rating: 5 Reviewed By: غير معرف
Scroll to Top